قصة رعب ليست لذوي القلوب الضعيفة خطيييييييييييييرة

شروط سماع القصه
1-غلق اى اضاءه للمكان
2-سماع موسيقى هذا الفديو و انت تقرأ

3-التركيز جيدا فة تفاصيل القصه

القصه بعنوان .. " الآن افهم "
__________

"هناك أشياء حين تذهب , لا يمكنك استعادتها , وهناك أشياء حين تأتي .. لن تتمكن من تجنبها ."

هبت دفعه أخرى من هواء ليل الشتاء البارد فوق الطريق المتلو أسفل إطار الشاحنة , على جانبيّ الطريق تململت أوراق الأشجار الغارقة في الظلمة و كأن هذه النسمات الباردة قد أيقظتها من سبات طويل .
كان الوقت متأخر .. متأخر للغاية , ما من سيارات عابرةً إلا هذه هنا , و هذه هناك , تلك السيارة ذات السائق شبه النائم كذلك , ربما دراجة بخارية تقطع الصمت بين حين و آخر لكن لا شيء خلاف هذا .. لا شيء علي الإطلاق .

عليك أن تفهم أن هذا الجو لم يكن مريح حتى لشخص مثلي قضى أغلب حياته بالطرقات , و عليك أن تلتمس لي العذر إن كانت يداي المعروقة ترتجفان فوق المقود بينما اتململ بمقعدي ذو الرائحة الجلدية المثيرة للنعاس , لو كان الأمر بيدي لما تركت منزلي الدافئ في ليلة كهذه , لكن العمل هو العمل و أنا لا خيار لدي فعلاً .. أحتاج للشيطان الورقي المسمى بالمال .

لم تك تلك هي المرة الأولى التي أسلك بها هذا الطريق أو أعمل بوقتٍ متأخر من الليل , لذلك حين بدأت الرجفة المعتادة تمر بذراعي لأشعر بالشعيرات السوداء الباقية به تنتصب على مهل حولت عيناي عن الطريق و قد علمت معنى هذا , بالفعل رأيت الأبنية الرمادية المتجاورة المميزة لمقابر القرى الصغيرة تمتد باليسار وقد غلفها الضوء الشاحب القادم من أحد أعمدة الإنارة القليلة المتواجدة .

هنا و أسفل هذا التراب البارد ترقد مئات الأجساد دون حراك , دون شعور .انقبض قلبي للحظات لهذه الخاطرة و انتزعت عيني عن المشهد بصعوبة .

لكن و ما أن عاودت النظر للطريق حتي ندت عني صرخة مريعة .
اعتصرت قبضتي عجله القيادة و أعلن أزيز الإطارات أسفل مني تهديد رسمي بالإنقلاب .. لكنه لم يتحرك .لم يتنحى عن الطريق بل ظل هناك .. ينظر نحوي فقط ..
حاولت .. أقسم أنني حاولت ..
لكن رغم هذا عجزت عن تفاديه .. و انتهي كل شيء بلمح البصر .

*****

لم أمت .. ما زلت أتنفس

أدركت هذا بصعوبة حين فتحت عيناي , الرؤية غير واضحة بالمرة لكنني أستطيع تمييز الملامح الخارجيه للأشياء , أستطيع تحريك أطرافي أيضاً , لَم يُدق عنقي , إذن أنا بخير , رفاهية الرقود في انتظار النجدة و التلوي ألماً ليست لمن هم مثلي , دعك من أنني لا أشعر بالألم من الأساس ..ما هو إلا غثيان مريع فقط , و هذا لا يتطلب كثير من النواح .

كم غبت عن الوعي ؟ , لا أدري , حاولت استرجاع اللحظات القليلة قبل الإصطدام فعجزت عن تذكر شئ واضح سوي الأضواء تنحرف أمام عيناي و حتي كينونه ما اصطدمت به لم أتمكن من تذكرها رغم أنها حمتني بطريقة أو بأخري من الإنقلاب فالموت المحتوم .
ثم هناك هذا الرجل الغريب وسط الطريق ..
الرجل الذي حولته الشاحنه - علي الأرجح - إلى خرقة بشرية بالية فوق الأسفلت البارد .

ارتجفت بمكاني قليلاً , عليّ أن أخرج للتأكد مما حدث , لتقدير حجم الخسائر , الصورة المهتزه أمام عيناي لم تساعد لذا أغمضتهما و انتظرت دقائق قبل معاوده فتحهما , لكن المرئيات ظلت غير واضحة , حاولت تحريك يدي لتحسسهما ظنا مني أن هذا سيساعد لكن الأمور لم تختلف كثيراً ... هذا يعني أن الحادث لم يمر دون أضرار جسديه .

تحركت من جديد ببطء هذه المرة اتحسس جسدي باحثة عن أضرار أخرى , هناك بلل بجانب قميصي لا أدري إن كان العرق أم هي دماء ,لكنني لا أشعر بالألم , هذا يجب أن يكون مؤشر جيد , نجت النافذة الأمامية من التحطم , هذا يعفينا من شظايا الزجاج بالوجه , لكن رغم هذا تحسست وجهي لأقابل ذات البلل البارد .

حين أيقنت أنني مازلت قطعه واحدة – بإستثناء عيني – قررت التحرك , الرؤية غير واضحة نعم لكن لا أستطيع البقاء طوال الليل داخل الشاحنة في انتظار المجهول , سأخرج لتقييم الضرر , قد يساعد الهواء البارد بالخارج على تصفيه الرؤية على أي حال ..
أطلق مقبض الباب قرقعة خافتة لينزلق مفتوح جواري , تحسست طريقي للهبوط و أنا أعب الهواء عباً حتى لمست قدماي الأرض , حينها شعرت بوقع القطرات الباردة فوق رأسي , تلقائياً رفعت وجهي للسماء
لقد بدأت تُمطر .

مقدمة الشاحنة أصبحت في عداد الموتى , هذا أدركته حين اقتربت منها لتفحصها , من حسن حظي فعلاً أن الزجاج لم يتهشم إثر ضربة كهذه لكن مما أرى – وا لا أرى- , لا أظن قطعة الخردة تلك ستتحرك .. تحسست - ما أدركت أنه – جذع الشجرة التي إصطدمت بها , لم تنج هي الأخرى , على الرغم من أن الرؤية شبه منعدمة استطعت رؤيه جزء منها يرقد فوق مقدمة الشاحنة , هناك دماء و قطع جلدية ملتصقة بالحاجز الحديدي للسيارة , هناك ذراع بارزة من مكان ما, أثار هذا تقززي .

اطلقت زفير ضائق , عليّ البحث عن مساعدة , عاجلًا أم آجلًا ستمر عربة أو شخص راجل من بين الحقول لنجدتي , هذا يحدث دائماً , لسنا بطرق أميريكا العامرة بالأشباح و الموتي السائرين .. نحن بمصر , و بمصر النجده تأتي , حتى و إن كانت تأتي متأخرة لكنها تأتِ .

أراحتني هذه الفكرة قليلاً فمضيت واجماً أبحث عن المصيبة الأخرى كي أرتب بعقلي ما سأفعله إن رآه أيّا يكن من سيأتي لإنقاذي
كنت بمنتصف الطريق تقريباً حين سمعت صوت الأنين .
أصدر حذائي حفيف فوق الأرض الأسفلتيه حين وقفت فجأة , أصغيت السمع لكن الصوت توقف برهه , ثم عاد يدوي من جديد وسط الصمت , آنين طويل معذب صاحب نقرات الأمطار فوق الأرض .

ضاقت عيناي لإستيضاح الرؤيه أكثر وقد سرت بجسدي رعدةً مفاجئةً , الجسد كان يرقد بوسط الطريق على بعد أمتار قليلة من مؤخرة الشاحنة , قوة الأمطار كانت ثابتة لذا تمكنت من رؤية حدوده الخارجية , ظننت في البداية أنه مصدر هذا الأنين و كدت أهرع نحوه , لكن حين تكرر الصوت أدركت أنها لم تكن استغاثة مُصاب .

رددت بعض الأدعيه بسري و أنا أتراجع حتى التصقت بالشاحنة طلباً للحماية , راودتني أفكار مترددة عن الهرب , يمكنني أن أركض لكن إلى أين سأصل ؟ , المشكلة لا تكمن في أنفاسي التي لن تسعفني , بل هي في عيني التي لن تساعد إلا في تحولي إلى جسد بالٍ أخر ,
ليقف مسكين أخر - إصطدم بي بالصدفة - بجانب الطريق باحث عن وسيله للنجاة , هذا بخلاف أنني لا أحبذ الموت قتيل فوق الطريق , الأعمار بيد الله لكن ماذا لو لَم أمت ؟ , ماذا لو دهستني سيارة مسرعة لأتلوى بألم لساعات بإنتظار الموت قبل أن الفظ أنفاسي أخيراً .

لا .. سأبقى هنا , و ليكن ما يكون .

********

لكن الأنين لم يتوقف .. بل إزداد .

تلفت حولي , أين السيارات المارة حين تحتاج واحدة !! , استمر المطر بالهطول , تحول جسدي إلى كتلة من العرق المخلوط بالماء البارد و عجزت عن إيقاف نوبات الإرتجاف التي اجتاحتني .
هذا الصوت يمزق أعصابي .

حاولت السيطرة على عصارة معدتي التي ارتفعت إلى حلقي فما كان إلا أن ازداد شعوري بالدوار , تركز نظري على القتيل الراقد بالقرب من الشاحنة , ربما كان هو مصدر الصوت و كنت أنا أحمق كبير , لذا بين لحظة و التالية قررت أن لا ضرر سيأتي من شبه ميت يئن , تحاملت على نفسي و جرجرت قدماي بإتجاهه , لو كان حي سأساعده , لو كان ميت .. لن أفكر بهذا الإحتمال الآن .

الصوت يزداد ارتفاعاً , أنا بالإتجاه الصحيح إذن , رفعت رأسي للسماء من جديد لتتساقط قطرات المطر فوق عيني المصابة , ساهم هذا في شعوري بالراحة فأغمضتهما لثوان , هذه المرة حين عاودت النظر كانت الرؤيه أكثر وضوحًا , رغم عني تقافز قلبي فرحاً , لم يكن الضرر دائم ..

أصابني الدوار مره اخري فترنحت , توقفت لحظة سمعت فيها الحفيف الغريب الذي لم استوضحه مسبقاً , قدرت أن الأشجار المتناثرة هي مصدر الصوت لذا حاولت تجاهله و اتجهت نحو الرجل .

انحنيت فوق ركبتاي أنظر إليه بشفقة ممزوجة بالألم , كان راقد فوق ظهره لذا تمكنت من رؤيه ملامح وجهه المذعورة بشئ من الوضوح , الأنين عاود الإرتفاع .. و أدركت الآن أنه لم يكن مصدره , لم يشعرني هذا بالراحة بل بالرعب .مع استيضاح الرؤية أكثر تمكنت من رؤية العديد من التفاصيل الأخرى .

هذا الرجل ميت , ميت جداً , ذراعاه انحنت كل منهما في وضع لا يمكن وصفه , بشرته كقطعة الطبشور , لو كنت طبيب لقلت أنه نزف حتى الموت , هذا طبيعي حين يصطدم بشاحنة , الغير طبيعي هو أن تكون بركه الدماء الداكنة حوله بهذا الصغر , هناك تشوه مريع بجسده , , لكن على الرغم من هذا تمكنت من رؤية هذا الثقب الغائر بساقه , الثقب الذي تمكنت من رؤية عظامه عبره , الثقب الذي من المستحيل أن تسببه شاحنة .. أنا صدمته بلى , لكنني لم أكن من قتله .. أو لأكن أكثر دقة , لم أك من بدأ بقتله .

لذا حين عاود الأنين الإرتفاع هذه المرة .. استدرت أنظر خلفي بهلع .

*****

شعرت باللهاث الحار الذي يلفح وجهي , رأيت الأعين المجنونة تنبض بالحمرة ثم شعرت بالنصل الحاد يعانق جسدي .. و قبل أن أحصل على الوقت الكافي لإبداء رد فعل حتى كنت أتوسد الأرض جوار الجسد الذي دهسته منذ .. منذ متى ؟ , أعجز عن التذكر .

عجزت عن تبين مدى إصابتي لكنني أدركت أنها ليست طفيفة , لم أر البلل البارد الذي لامس يدي جوار جسدي لكنني علمت ماهيته هذه المرة , التقت عيناي بعيناه مرة واحدة ثم استدار و مضى , الرؤية الآن كأوضح ما يكون , لكنها لن تظل كذلك كثيراً .

هارب .. و مُلاحِق

كانا إثنان .. صدمت إثنان و ليس واحد .. على الأقل هذا يفسر الأنين , هذا يتيح لي الفهم .

راقبت خطوط معطفه الجلدي الأسود تبتعد وسط الأمطار المتتابعه , اتسعت عيناي في نظرة أخيره له حين بدأ يغيب عن نظري .

لماذا ؟ , كيف نجا من الإصطدام ؟ , مَن هو و كيف ظل قادر على مهاجمتي بعد حادث كهذا ؟

كيف يمضي دون خدش , دون عرج , دون دماء ؟

أسئلة كثيرة دارت بعقلي لكن كان الأوان قد فات ..

لا مجال للفهم الآن ..

ههههههه رااااااااااااااااااااااائع

رااااااااائع